عن كثب

منصة محايدة متخصصة في تحري وتصحيح الأخبار الزائفة ومواجهة خطاب الكراهية، بالإضافة إلى العمل على تعزيز ثقافة التحقق من الأخبار والموضوعية والشفافية والمساءلة الاعلامية، بما يساهم في خلق واقع إعلامي سليم على امتداد مسار الانتقال الديمقراطي في ليبيا.

 

خلفية عامة

يمكن لخطاب الكراهية والأخبار الزائفة أن يتسببا في الموت. ففي ميانمار على سبيل المثال، وجدت الأمم المتحدة أن عددا من المنشورات على فيسبوك قد ساهمت في حملة مميتة ضد الأقلية المسلمة أجبرت مئات الآلاف على الفرار من البلاد. وبالتوازي مع ذلك، استخدمت جماعة الدولة الإسلامية على مدى عدة سنوات موقعي تيليجرام وتويتر، وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى لتجنيد المتابعين والتحريض على الهجمات. لم تكن هذه استثناءات: ففي جميع أنحاء العالم، ساهمت الأخبار الزائفة عبر الإنترنت وخطاب الكراهية في العنف وعدم الاستقرار السياسي والتوترات الاجتماعية.

لا يوجد بلد محصن ضد الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، هاجمت مجموعة من المتظاهرين المتأثرين بنظريات المؤامرة عبر الإنترنت قلب ديمقراطيتها في أعمال شغب خلفت العديد من القتلى.

أمّا في ليبيا، البلد الذي يتطلع إلى الديمقراطية منذ سنوات، رافقت المعلومات المضللة وخطاب الكراهية – التي ترعاها أو تنشرها دول أجنبية أحيانًا – حروبًا متتالية قسمت البلاد ونسيجها الاجتماعي وساعدت على قلب الجيران ضد بعضهم البعض.

كانت شركات التواصل الاجتماعي بطيئة في الاستجابة، وقد اتُهم بعضها، ولا سيما فيسبوك – أكثر منصات التواصل الاجتماعي شعبية في ليبيا – بعدم القيام بما يكفي، خصوصا في البلدان غير الغربية.

في ليبيا، تزخر منصات التواصل الاجتماعي بالأخبار الزائفة وخطاب الكراهية. يأتي بعضها من فاعلين سياسيين محليين وأجانب، يستخدمون الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة كسلاح.

في الأيام الأولى لانتفاضة 2011، ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج الاحتجاجات الديمقراطية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في ليبيا، كانت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أكثر تأثيرًا، حيث أصبح كل من فيسبوك وتويتر ويوتيوب مصادر للمعلومات ووسيلة لتنظيم الاحتجاجات. لكنها أصبحت أيضا مصدراً للمعلومات المضللة والأخبار المزيفة.

تفاقمت المشكلة بسبب المشهد الإعلامي في البلاد.

لسنوات في ظل نظام القذافي، لم يكن هناك إعلام مستقل. بعد الإطاحة به، تم إنشاء عدد كبير من القنوات الإعلامية، لكن هذه القنوات غالبًا ما تكون مرتبطة بجهات فاعلة سياسية داخل وخارج البلاد، وتخدم طموحاتها السياسية. في حين كان الصحفيون المستقلون والناقدون يواجهون خطر العنف والرقابة.

لعبت وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا في زيادة حدة الانقسامات في البلاد عندما كانت ليبيا ممزقة بين إدارتين، الأمر الذي تسبب في الأخير في اندلاع حرب عام 2019. وقد اجتذبت تلك الحرب تدخلا عسكريا أجنبياً من كلا الجانبين. كما استخدمت الدول الأجنبية التي تدخلت في ليبيا الأخبار الزائفة والإشاعات على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام التقليدية لتحقيق أهدافها الخاصة.

كل ذلك ساهم في نقص ثقة الجمهور في وسائل الإعلام التقليدية، بينما أصبح أكثر اعتمادًا على وسائل التواصل الاجتماعي ، لا سيما فيسبوك، للحصول على الأخبار ومن دون مصادر معلومات إعلامية موثوقة يلجأ إليها.

غالبًا ما ترتبط وسائط الإعلام، بما في ذلك مراسلي القنوات التلفزيونية والصحف، بفصائل سياسية أو مسلّحة معينة. الأمر الذي يجعل من تغطية الأخبار عملية مسيّسة للغاية وتتسم بالبساطة الشديدة والمعلومات الزائفة.

في الوقت نفسه، تستخدم الأطراف الفاعلة في روسيا والإمارات العربية المتحدة وتركيا ومصر حسابات تويتر وهمية، كما تقوم بالاعتماد على شركات علاقات عامة لمزيد تعقيد هذه البيئة الإعلامية الفوضوية التي تتسم بالاستقطاب، وذلك بهدف تحقيق مكاسب جيوسياسية.

فمنذ اندلاع الحرب الأهلية الليبية الثانية عام 2014، سعت الجهات المتنافسة إلى تسليح ميدان المعلومات من أجل تعزيز أهدافها وأجنداتها السياسية. وفي بعض الأحيان، اُستخدمت بيئة المعلومات كساحة معركة افتراضية في الصراع المستمر على الأرض.